مقالات

ضحايا قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم 148 لسنة 2019: أين المساواة؟

أ/ كامل السيد، خبير تأمينات اجتماعية ومعاشات

صدر قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم 148 لسنة 2019 بهدف تطوير المنظومة التأمينية وتحديثها، لكنه أثار جدلًا واسعًا بسبب بعض نصوصه التي اعتبرها البعض إجحافًا بحق فئات معينة من المواطنين، مما دفع الاتحاد العام لنقابات أصحاب المعاشات لبحث رفع دعوى بعدم دستورية بعض المواد.

إخلال بمبدأ المساواة

أبرز الانتقادات وجهت للمادة الثالثة من القانون، حيث نصت على “لايترتب على تطبيق أحكام القانون المرافق الاخلال بما تتضمنه أحكام القوانين المنظمة للشئون الوظيفية للمعاملين بالكادرات الخاصة ويستمر العمل بالمزايا المقررة فى هذه القوانين والأنظمة الوظيفية وتتحمل الخزانة العامة فروق التكلفة المترتبة على ذلك طبقا لأحكام القانون المرافق”، وهو ما يعني  استمرار العمل بالمزايا المقررة لبعض الفئات الوظيفية ذات الكادرات الخاصة، مع تحمل الخزانة العامة فروق التكلفة. بينما حُرم باقي المؤمن عليهم من نفس المزايا، مما اعتبره البعض انتهاكًا لمبدأ المساواة الذي ينص عليه الدستور المصري في المادة (53)، والتي تنص على “المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء”.

حرمان من معاشات الشيخوخة

القانون الجديد وضع شروطًا أكثر صرامة لاستحقاق معاش الشيخوخة، حيث:

  • اشترط توفر 120 شهرًا من الاشتراك الفعلي للحصول على المعاش (ليس فيها مدة مشتراة)، مع رفع هذا الحد إلى 180 شهرًا بعد خمس سنوات من تطبيق القانون (2025).
  • ألغى النص الذي كان يتيح استكمال مدة الاشتراك أو شراء المدد المتبقية لاستحقاق المعاش، كما كان معمولًا به في القانون 79 لسنة 1975.

هذا التغيير أثر بشكل خاص على:

  1. العمالة غير المنتظمة، التي لم تُتح لها فرصة استكمال الاشتراك عن مدد سابقة.
  2. الأسر ذات الدخل المحدود، التي تواجه معاناة أكبر في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية.

تحديات أمام الفئات الأضعف

بسبب هذه القيود، يواجه العديد من المؤمن عليهم وأسرهم تحديات اقتصادية قاسية. فبدلًا من حصولهم على معاش يحميهم من الفقر، يتم منحهم تعويضات لا تفي بالاحتياجات الأساسية.

المطالبات والحلول المقترحة

  1. تعديل تشريعي: المطالبة بإعادة النظر في النصوص التي تحرم بعض الفئات من حقوقها، خاصة فيما يتعلق بإتاحة استكمال مدة الاشتراك أو شراء المدد المتبقية.
  2. مراجعة شاملة للقانون: بما يتماشى مع توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة شمول جميع الفئات بمظلة التأمينات الاجتماعية والصحية.
  3. دعاوى قضائية: دفع الاتحاد العام لنقابات أصحاب المعاشات إلى رفع قضايا بعدم دستورية المادة الثالثة وأحكام أخرى اعتُبرت مجحفة.

نحو عدالة اجتماعية شاملة

تحقيق أهداف قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات يجب أن يتماشى مع رؤية الدولة المصرية في تحقيق “حياة كريمة” لكافة المواطنين. وعليه، فإن مراجعة التشوهات القانونية والتشريعية أمر لا بد منه لضمان العدالة الاجتماعية وعدم ترك أي فئة خارج مظلة الحماية الاجتماعية.

مصطفى الطبجي

مصطفى الطبجي، كاتب صحفي في موقع برلمان مصر، وله العديد من المؤلفات والأوراق البحثية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى