مقالات

بروباجندا آخر الفصل: عندما تصبح الإجازات خطرًا على الاقتصاد!

كتب عبد الناصر قنديل، مدير المجموعة المصرية للدراسات البرلمانية

مع اقتراب نهاية الفصل التشريعي للمجالس النيابية وإجراء انتخابات تجديد النخبة يصاب العديد من النواب ب ( لوثة ) الخوف من الغياب عن المشهد وفقدان التواجد في دائرة الضوء ….. لذا نجد أن ( عدد ) منهم ينتهج سلوكيات وممارسات غريبة تستهدف جذب الانتباه وإثارة ( البروباجندا ) معتمدين في ذلك علي أحد طريقتين :
الأولى : تتبع أي حدث أو خبر اعلامي مثير للجدل والمسارعة بتقديم طلب أو اقتراح بشأنه للبرلمان مع ( توسل ) أو ( شراء ) أية مساحة لنشره وتغطيته على بعض المنصات الرقمية ….. ليقول بذلك أنه موجود وأيضا ( شاطر )
الثانية : تملق السلطة التنفيذية ودوائر القرار بتقديم أي أداة نيابية والصاقها بمصطلحات ( مثل ) الخوف على الدولة أو الحرص على الاقتصاد ….. ولا مانع من ذكر بعض الأرقام ( خارج سياقها ) لإضفاء مسحة من الموضوعية على هذا الأمر ( فربما ترضى السلطة ونحتفظ بالمقعد )
والحقيقة أن قراءة ( المقترح) الذي تقدمت به نائبة حزب ( الشعب الجمهوري ) عن محافظة ( الغربية ) بخصوص تقليص أيام الأجازات الرسمية لا يمكن تفهمه خارج تلك السياقات …. لاسيما وأنها سقطت في عدد من الأخطاء والخطايا التي لا ينبغي أن تمر مرور الكرام .
أولا : أن النائبة التي تتحدث عن ( 122 ) يوم إجازات للعامل في مصر ( سنويا ) تعمدت الخلط بين الأجازات ( الأسبوعية ) التي تقرها اتفاقيات دولية لحماية حقوق العمال ( والتي يمثل المساس بها نكوص عن التزامات واتفاقيات دولية وإساءة لسمعة ومكانة الدولة ) وبين الأجازات ( الرسمية ) التي تقرها الدولة في مناسباتها الدينية والقومية والوطنية .
ثانيا : أن إجمالي مدة الأجازات التي ذكرته النائبة ( كخطر على الاقتصاد الوطني ) تتضمن أيام الإجازة الأسبوعية ( الجمعة والسبت ) والتي يصل مجموعها خلال عام 2025 عدد ( 102 ) يوم …. وهي أيام للراحة تطبقها وتلتزم بها كافة دول العالم المتقدم وغير المتقدم …. ولا تستطيع أي سلطة المساس بها أو الحديث عن تجاوزها ( مع الوضع في الاعتبار أن هناك محافظات هنا تكتفي بيوم ( الجمعة ) فقط كاجازة أسبوعية وتعتبر ( السبت ) يوم عمل طبيعي )
ثالثا : أن إجمالي المناسبات الرسمية التي تحتفل بها الدولة المصرية سنويا هو ( 12 ) مناسبة عامة بإجمالي ( 18 ) يوم ( فقط ) موزعة بين أعياد دينية للمسلمين بعدد ( 4 ) مناسبات وأعياد دينية للمسيحيين بعدد ( 2 ) مناسبة وأعياد وطنية ( 6 ) مناسبات .
رابعا : أن شهر أبريل الذي تحدثت معالي النائبة عن أنه شهد حصول العاملين على ( 12 ) يوم اجازة غير الأجازات الأسبوعية ( رقم غير صحيح بالمناسبة ) تجاهلت بيان طبيعة تلك الأجازات وأنها تضم اجازة عيد الفطر المبارك ( مناسبة دينية ) وعيد تحرير سيناء ( مناسبة قومية ) وشم النسيم ( مناسبة وطنية ) وإجازات خاصة بالأخوة الأقباط ( مناسبة دينية ) وإجازة نتيجة سوء الأحوال الجوية ( طارئة ) ….. فما هي الاجازة التي ترغب النائبة في إلغائها من بينهم حماية للاقتصاد ( بالمناسبة شهر أبريل يضم يوم عيد القيامة الذي يطالب الإخوة الأقباط بأن يكون عيدا قوميا وليس خاصا … ولا أعلم موقف النائبة منه لو استجابت الدولة لذلك )
خامسا : أنه رغم عدد أيام الاجازة التي يحصل عليها المصريين ( والتي تختلف بحسب موقف كل محافظة من إجازة السبت ) فإن العامل والموظف المصري يعمل لعدد ساعات يتطابق مع المعدلات الدولية المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية وبخاصة الاتفاقية الدولية رقم ( 51 ) لمنظمة العمل الدولية والتي حددت عدد الساعات الأسبوعية برقم ( 40 ) ساعة وأجازت أن تصل إلى ( 42 ) ساعة ( في حالة الأشخاص الذين يعملون في نوبات متعاقبة لتنفيذ عمليات تقتضي طبيعتها أن تجري دون توقف في أي وقت من الليل أو من النهار ) وبالمناسبة فالعمال والموظفين من المحافظات التي تكتفي بإجازة الجمعة ( فقط ) يتجاوزون المعدل العالمي لعدد ساعات العمل ولا يتقاضون تعويضا عن ذلك ( فهل نتوقع أن تكون للنائبة كلمة عن هذا الأمر أم أنه ليس جزءا من الاقتصاد الوطني الذي تخاف عليه )
في النهاية فأود أن أذكر معالي النائبة أنها – والمجلس النيابي – يعملون ليومين أو ثلاثة ( كل إسبوعين ) ورغم ذلك فنحن صامتون ولا نتكلم .

مصطفى الطبجي

مصطفى الطبجي، كاتب صحفي في موقع برلمان مصر، وله العديد من المؤلفات والأوراق البحثية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى