في عام 2016 ميلادية أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء آخر تعداد دوري شامل لجمهورية مصر العربية، وكان يتضمن 29 محافظة، تحتوي على 216 مدينة، 183 مركز، 76 حي، 4641 قرية، 1179 وحدة محلية، 162 مركز شرطة، 191 قسم إداري، 752 شياخة، 28 مجتمع عمراني، بالإضافة إلى عدد 26757 من الكفور والعزب والنجوع.
هذه التقسيمات الإدارية وليدة تراكمات الماضي بما في ذلك حدود المحافظات الحالية، إذ كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا بتقاسيم تاريخية كانت في وقتها لازمة لإحداث نهضة زراعية، ومنذ العصور القديمة كانت مصر تنقسم من الناحية الطبيعية إلى قسمين كبيرين هما الوجه البحري (أسفل الأرض / الريف) والوجه القبلي (أعلى الأرض / الصعيد).
كل من القسمين يتكون من أقسام صغيرة الغرض منها سهولة حكم الإقليم وجباية ضرائبه والإشراف على شئونه، وفي العصور الفرعونية ضم الصعيد 22 قسما والدلتا 16 قسما، ثم أضيف إلى الدلتا بعد ذلك 4 أقسام جديدة ليصير المجموع الإجمالي 42 قسما، تضم قرابة 1000 قرية و60 مدينة متوسطة بما فيها الثغور بالإضافة إلى طيبة ومنف وهما العواصم التاريخية.
وفي عهد البطالمة قسمت مصر إلى ثلاثة أقسام كبيرة هي الوجه البحري وكان مقسما إلى 33 قسما إداريا، ومصر الوسطى وكانت مقسمة إلى 7 أقسام، ومصر العليا وكانت مقسمة إلى 14 قسم، فكان مجموع الأقسام في العهد البطلمي 54 قسما، فلما جاء الرومان عدلوا الوجه البحري إلى 22 قسما، ومصر الوسطى إلى 7 أقسام ومصر العليا إلى 8 أقسام ليكون المجموع 36 قسما.
وفي العهد البيزنطي أعيد تقسيمها إلى 6 أقسام كبيرة اثنان في الوجه البحري وأربعة في الصعيد، أما إقليما الوجه البحري فهما إقليم أوجستامنك وإقليم إيجيبت، والأول يتكون من أبروشيتين هما أبروشية قسم أول وتتكون من 10 أقسام وقاعدتها مدينة بيلوز (الفرما) وأبروشية قسم ثان وتتكون من 6 أقسام وقاعدتها مدينة ليونتو (تل المقدام مركز ميت غمر).
وأما إقليم إيجيبت فكان مكونا من أبروشيتين هما أبروشية قسم أول وتتكون من 10 أقسام وقاعدتها مدينة الإسكندرية وأبروشية قسم ثاني وتتكون من 10 أقسام وقاعدتها مدينة كباسا (شباس الشهداء مركز دسوق) فكان مجموع أقسام الوجه البحري 33 قسما بالإضافة إلى إقليمي برقة وبني غازي التابعين لمصر في ذلك العهد.
وأما أقسام الصعيد فهي أبروشية أركاديا وتتكون من 8 أقسام وقاعدتها أوكسرنخوس (البهنسا مركز بني مزار) وأبروشية طيبة السفلى وتتكون من 9 أقسام وقاعدتها أنطينو (أنصنا / الشيخ عبادة مركز ملوي) وأبروشية طيبة الوسطى وتتكون من 12 قسما وقاعدتها بطوليمايس (المنشأة محافظة سوهاج) وأبروشية طيبة العليا وتتكون من 4 أقسام وقاعدتها أسوان فكان مجموع الوجه القبلي 33 قسما.
كانت الوحدة الإدارية في عصر البطالمة والرومان يطلق عليها (نوم) وهي كلمة يونانية أطلقت للدلالة على الكلمة المصرية القديمة (هسبو) وتعني القسم وليس لها شبيه في العصر الحديث لأنها أصغر من مساحة المحافظة وأكبر من مساحة المركز، وكانت تنقسم إلى عدة قرى يطلق عليها اسم (كوما) ويشرف على القسم حاكم يعرف باسم (نومارك) يعاونه كتبة وموظفون وقضاة.
ولما جاء العرب أطلقوا على القسم اسم كورة وكانت تكبر وتصغر بحسب تفاوت العمران، وأطلقوا على إقليم أوجستامنك اسم الحوف وأطلقوا على إقليم إيجبت اسم الريف وجعلوا الحوف 14 كورة بدلا من 13 وجعلوا الريف 31 كورة بدلا من 20، فكان المجوع 45 كورة، وأما الصعيد فجعلوه 30 كورة فصار المجموع في الوجهين 75 كورة.
وفي القرن الثالث الهجري قسم الوجه البحري إلى 3 أقاليم كبرى هي الحوف الشرقي وقاعدته بلبيس ويتكون من 11 كورة، وبطن الريف (وسط الدلتا) ويتكون من 20 كورة وقاعدته المحلة الكبرى، والحوف الغربي ويتكون من 15 كورة وقاعدته الإسكندرية، فكان المجموع 46 كورة بالإضافة إلى كل من كور لوبية والقلزم (السويس) والطور وإيام ومدين (بالحجاز) بينما كانت كور الصعيد 30 كورة.
وفي نهاية القرن الخامس الهجري قرر الوزير الفاطمي بدر الجمالي دمج الكور الصغيرة لتكوين الكور الكبيرة والتي بلغت 22 في الوجه البحري و10 في الصعيد، وبلغ فيه عدد القرى 3148 قرية منها 1601 في الدلتا و547 في الصعيد بخلاف الثغور، ثم أضاف الأيوبيون كورة الدنجاوية بإقليم الغربية وكورة الكفور الشاسعة بالبحيرة ليصبح عدد الكور 24 كورة.
وفي عام 715 هجرية أصدر الناصر محمد بن قلاوون مرسوما بفك زمام القطر المصري (الروك الناصري) ويقضي بأن تسمى الكورة عملا مع بعض التعديلات حيث جعل الأعمال 21 عملا بدلا من 24 كورة فكان الوجه البحري 12 عملا منها 3 جديدة هي القليوبية وضواحي القاهرة وقد فصلتا من كورة الشرقية ثم ضواحي الإسكندرية وقد فصلت من كورتي رشيد والبحيرة.
وتم ضم كورة المرتاحية إلى كورة الدقهلية وجعلهما عملا واحدا باسم أعمال الدقهلية والمرتاحية وأطلق على كورة الإبوانية اسم ضواحي ثغر دمياط وأمر بضم كورة السمنودية والدنجاوية وجزيرة قويسنا إلى أعمال الغربية وضم نواحي حوف رمسيس إلى أعمال البحيرة، وصار في الصعيد 9 أعمال بعد ضم كورة البوصيرية إلى البهنساوية وأنشأت الأعمال المنفلوطية وبلغت عدد القرى وقتها 2278 قرية.
وفي العهد العثماني تحولت الأعمال والكور إلى ولايات ومحافظات حيث قسم القطر كله إلى 13 ولاية منها 7 في الدلتا و6 في الصعيد، فكان الوجه البحري يشمل القليوبية والشرقية والدقهلية والغربية والمنوفية والبحيرة، وضم الوجه القبلي الأطفيحية والفيومية والبهنساوية والأشمونين والمنفلوطية وولاية جرجا التي تكونت من دمج الأعمال الأسيوطية والأخميمية والقوصية.
أما المدن الكبرى فقد أطلق عليها اسم محافظات وهي الإسكندرية ورشيد ودمياط والعريش والسويس والقصير، وكان يرأس كل ولاية حاكم أو كاشف ويرأس كل محافظة محافظ أما القاهرة فكان يرأسها شيخ البلد، وفي عهد محمد علي قسمت البلاد إلى أخطاط يشمل كل خط منها عددا من القرى على رأسهم موظف يسمى حاكم الخط ثم أمر بتقسيم الولايات إلى أقسام يرأسه موظف يسمى ناظر القسم.
ثم تحولت الولايات إلى مأموريات حيث ضمت 24 مأمورية في الدلتا و 10 في الصعيد ثم عدلت إلى مديريات بلغ عددها 14 مديرية تضم 47 قسما تحوي 3639 قرية وزادت في عهد إسماعيل إلى 64 حيث تحولت الأقسام إلى مراكز وأطلق اسم مأمور بدلا من ناظر قسم ومعاون إدارة بدلا من حاكم خط.
ثم انفصلت عواصم المديريات لتكون مأمورية قائمة بذاتها يرأسها مأمور بندر حيث نشأ 12 بندر مع 75 مركز تشمل 4188 قرية ومدينة ومحافظات القاهرة والإسكندرية والحدود والقنال والسويس ودمياط، وفي العهد الجمهوري تحولت المديريات إلى محافظات وعدلت حدودها حتى وصلت إلى الوضع الحالي.