المعاش المبكر والعمالة غير المنتظمة: قضية تمس الآلاف وتحتاج إلى حلول عاجلة
أ/ كامل السيد، خبير تأمينات اجتماعية ومعاشات
تشكل قضيتي المعاش المبكر والعمالة غير المنتظمة إحدى القضايا الملحة التي تمس شريحة كبيرة من المجتمع المصري، حيث يتزايد أعداد المتضررين من القوانين الحالية بسبب تعقيداتها وعدم مواءمتها للواقع. وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، باتت هذه الفئات بحاجة إلى تدخل عاجل من الدولة، مما يجعل مناقشتهما ضمن أولويات الحوار الوطني أمرًا بالغ الأهمية.
أولًا: أزمة المعاش المبكر
تنص المادة 21 من قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات على شروط استحقاق المعاش المبكر، لكنها تضمنت فقرتين (أ و ب) تشكلان عائقًا كبيرًا أمام العديد من المستحقين. وفقًا لهذه المادة، لا يمكن صرف المعاش المبكر إلا إذا توفرت مدة اشتراك فعلية تبلغ 40 سنة، وهو شرط شبه مستحيل تحقيقه، خاصة إذا كان سن بدء الاشتراك هو 18 سنة.
هذه الشروط الصارمة أثرت سلبًا على آلاف العاملين الذين فقدوا وظائفهم نتيجة الخصخصة أو الأزمات الاقتصادية، ولم يستطيعوا التقدم للحصول على معاشاتهم وفق القانون القديم (القانون 79 لسنة 1975) بسبب تأخر الشركات في تقديم طلباتهم إلى مكاتب التأمينات. هؤلاء العاملون الآن بلا دخل في ظل الظروف المعيشية الصعبة، مما يتطلب منحهم مهلة زمنية استثنائية تمتد لخمس سنوات لتقديم طلباتهم طالما كانوا مستوفين لشروط القانون القديم.
هناك أيضًا فئة أخرى استكملت شروط المعاش المبكر وفق القانون القديم، لكنها تعرضت للبطالة نتيجة جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية التي أغلقت العديد من أماكن العمل. هؤلاء بحاجة إلى مهلة لا تقل عن ثلاث سنوات للتقدم بطلبات صرف المعاش، مع مراعاة الأوضاع الاستثنائية التي تعرضوا لها.
ثانيًا: معاناة العمالة غير المنتظمة
تعد العمالة غير المنتظمة إحدى الفئات الأضعف في المجتمع، وهي محل اهتمام رئيس الجمهورية، لكنها تضررت بشكل كبير من إلغاء القانون 112 لسنة 1980 بموجب المادة 160 من القانون الحالي. هذا الإلغاء حرمهم من الرعاية التأمينية والصحية ومن حق الاشتراك عن المدد السابقة، حتى وإن كانت لديهم مستندات تثبت خضوعهم للقانون القديم.
القانون الجديد يتطلب اشتراكًا لمدة 15 سنة على الأقل، وهو أمر يكاد يكون مستحيلًا بالنسبة لفئة العمالة غير المنتظمة. لذا، يجب توفير مهلة زمنية استثنائية تمتد لخمس سنوات لكل من كانت تنطبق عليه شروط القانون 112 لسنة 1980 ولم يتمكن من الاشتراك في حينه، بما يضمن حماية هذه الفئة وتأمين حقوقها الأساسية.
نحو حلول عملية
يتطلب حل هاتين القضيتين اتخاذ إجراءات عاجلة وعادلة تشمل:
- تعديل المادة 21: بإلغاء الفقرتين (أ و ب) أو تخفيف شروط المعاش المبكر لتكون أكثر واقعية، مع توفير مهلة زمنية للمتضررين للتقدم بطلباتهم وفقًا لشروط القانون القديم.
- إعادة النظر في المادة 160: بما يسمح للعمالة غير المنتظمة بالاشتراك عن المدد السابقة وفق شروط القانون 112 لسنة 1980، مع منحهم فترة سماح مناسبة لتحقيق ذلك.
الخاتمة
إن معالجة قضيتي المعاش المبكر والعمالة غير المنتظمة ليست مجرد مسألة قانونية، بل هي خطوة ضرورية لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية والحفاظ على استقرار المجتمع. ومن هنا، يجب أن تحظى هاتان القضيتان بالاهتمام الكافي من الحوار الوطني، ليتم وضع حلول عملية ومنصفة تنقذ آلاف الأسر المصرية من براثن الفقر والحرمان.